كتاب عصر السيرة النبوية للدكتور أكرم ضياء العمري الذي شغل منصب مستشار في وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية بدولة قطر والكتاب من إصداراتها ولديه كتب كثيرة في السيرة النبوية وهو من الناس القلائل المتمرسين والمتمكنين من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقد درٌس السيرة في الجامعات ومتخصص تخصص شديد جدا في قضية السيرة النبوية وهو كتاب ممتع وجميل ويتناول عصر السيرة النبوية و مادة هذا الكتاب تختلف عن السيرة النبوية فهو يتكلم عن البيئة الفكرية والبيئة الاجتماعية الموجودة في الفترة التي ظهر فيها الاسلام ويتكلم عن العالم قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم ويتكلم عن دولة الفرس ودولة الروم كيف كانت عيشتهم ما هي الافكار التي كانت موجودة عندهم كيف كانت حياتهم الاجتماعية والأخلاقية، يتكلم ايضا عن الهند و الصين ويتكلم عن اليابان ما هي الديانات الموجودة، كيف كانت بيئتهم الاجتماعية، يتكلم عن الحالة الوثنية الموجودة قبل الاسلام تكلم عن جزيرة العرب ما هي افكارهم التي كانت عن المولى عز وجل كيف كانوا يشركون بالله سبحانه وتعالى، عبادتهم للأوثان، عبادتهم للنجوم، تقديسهم لبعض الأشجار، الحالة الفكرية التي كانت موجودة لديهم ثم يتكلم عن البيئة الاسلامية قبل هجرته صلى الله عليه وسلم عندما ظهر عليه الصلاة والسلام في مكة المكرمة ودعا الى التوحيد وكيف كانت العلاقة بينه وبين كفار قريش ثم بعد هجرته صلى الله عليه وسلم عندما ذهب الى المدينة المنورة كيف كانت البيئة الفكرية كيف كانوا يعيشون، الكتاب مليء بأشياء غير موجودة في كتب السير كسيرة ابن هشام او السيرة النبوية في كتاب البداية والنهاية لابن كثير او السيرة النبوية الموجودة في كتاب تاريخ الامام الطبري عليه رحمه الله الكتاب يتكلم عن اشياء كثيره جدا مثل النسيج والخياطة والصباغة من اين يأتون بالنسيج و بالصباغة كيف كانوا يصبغون، ما هي المواد التي كانوا يستخدمونها، الدكتور أكرم ضياء العمري علٌامة في مجال التاريخ وخاصة السيرة النبوية الشريفة، وكذلك من أين كان يأتون بالصوف وما هي الملابس التي كانوا يستخدمونها ما هي المناطق المشهورة بالغزل والانسجة وصناعة الملابس، يقول:
“ونسبت الثياب الى البلدان التي صنعتها فالثياب السحولية الى سحول بلد باليمن وهي ثياب قطنية بيضاء والمعافرية نسبة الى قبيلة معافر باليمن والقباطي نسبة الى قبط مصر وهي ثياب من الكتان بيضاء والقطرية نسبة الى قطر وهي برود غليظة من القطن لها أعلام يعني لها خيوط والصحارية نسبه الى صحار موجودة في عمان والعدنية وهي برود تصنع في عدن في اليمن وعرفت الثياب اليمنية بجودتها لحسن الصنعة والدقة ولألوانها وجمالياتها الموجودة ومنها البرود المخططة بألوان مختلفة وهي تصنع في نجران وحضرموت وهي من اليمن أيضا” .
ثم يتكلم عن رعي الغنم وأن الرسول صلى الله عليه وسلم ايضا رعى الغنم وهو غلام صغير في مكة المكرمة ويتكلم عن الحدادة وهي قضية مهمه جدا يذكر الكاتب رواية عجيبة عندما فتحت خيبر ابقى النبي صلى الله عليه وسلم على اليهود في خيبر لكي يرعو مزارع النخيل الموجودة في خيبر واتفق معهم اتفاقية بمناصفة المحاصيل الموجودة في خيبر مقابل بقائهم في هذه المنطقة يقول :
“لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر اتى ب ثلاثين حداد إلى المدينة وهذه قفزة نوعية في الحدادة حيث كانوا يستخدمون في أيام الرسول صلى الله عليه وسلم لصناعة المعاويل التي كانت تستخدم في الزراعة ، صناعة الادوات الزراعية، صناعه الادوات النحاسية، الاواني الحديدية، الاواني النحاسية، صناعة الرماح، صناعة السيوف وصناعة التروس واستخدام الحديد في القتال”.
تخيلوا ان الرسول صلى الله عليه وسلم كان يريد ان يطور في مجال الصناعة وتتحدث الرواية عن قدوم ثلاثين حداد من خيبر وجعله في المدينة المنورة لكي ينتفع بها الناس وتنتفع بهم الدولة الإسلامية بهؤلاء الحدادين، صارت قفزه نوعية في مجال الصناعات الحربية ومجال الصناعات المنزلية والادوات ايضا التي تتوفر في مجال الزراعة، هؤلاء الحدادين ساهموا في توفير السلاح لغزوة تبوك هؤلاء الحدادين ساهموا في توفير السلاح في قتال المرتدين ومانعي الزكاة في خلافة ابي بكر الصديق.
وفي الختام الكتاب طبعا مليء بالكثير من الامور التي كانت موجودة في عصر النبوة في فصوله الأخيرة تحدث عن المرأة واوضاعها في البيئة الإسلامية الاولى في عصر النبوة الكتاب جميل يختلف تماما عن كتب السير المشهورة الموجودة مثل الرحيق المختوم وسيرة ابن هشام وهو يستحق القراءة فعلا نظرا للمعلومات الغنية والجهد الذي قام به أكرم ضياء العمري.
