كتاب الداء والدواء الذي بين أيدينا كتاب عظيم، البركة عظيم النفع، نفع الله سبحانه وتعالى به خلقا وكان سببا لهداية خلق ولوقاية خلق من الذنوب وغوائلها، قد وفق الله عزه وجل مصنفه الامام ابن القيم رحمه الله تعالى فيما يسر له من معان عظيمة وهدايات مباركة، استنبطها واستخرجها من كتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم في ذكر الداء والدواء.
وهذا الكتاب المسمى بالداء والدواء أو الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي هو في هذا الباب باب ذكر الداء وذكر الدواء، وسبب تأليف الامام ابن القيم رحمه الله تعالى لهذا الكتاب هو سؤال سائل مبتلى بذنب عُضال ومعصية متجذرة في نفسه عرف أنها ستكون سببا لهلاكه في دنياه وآخراه، ويريد خلاص نفسه منها ونجاتها فسأل هذا السؤال الذي أجاب عنه ابن القيم رحمه الله بسخاء وكرم فأجاب فيه بهذا الكتاب الحافل العظيم ونَحسِبُ والله تعالى اعلم أن نية السائل صادقه فبارك الله عز وجل في سؤاله هذه البركة العظيمة التي أثمرت كتابا عظيما نفع الله به أمما وخلقا كثير.
لماذا كتاب الداء والدواء
وهذا يستفاد منه ان المرء ينبغي أن يكون ناصحا له ولإخوانه في هذا الباب، باب السؤال ولهذا لو نظرت في كتب اهل العلم بل في كثير منها تجد ان سبب التأليف لها سؤال مبارك، فالنية الصالحة في السؤال والمقصد الحسن له ثمرة تعود على السائل نفسه وتعود على غيره من المسلمين، واذا كان سببا في الجواب فله نصيب من الاجر والثواب والله تبارك وتعالى فضله عظيم وعطاؤه جزيل فتسبب سؤال هذا السائل وآلمه في عرضه للسؤاله وتحسره على حاله وطمعه في وسيله الخلاص والنجاة من الداء العضال الذي بلي به ويريد خلاص نفسه منه فأجاب ابن القيم رحمه الله تعالى بهذا الجواب، والمرجو ان أول من إنتفع بهذا الجواب هو السائل نفسه، ثم من بعد ذلك نفع الله سبحانه وتعالى بسؤاله خلقا، واقول ان العاصي المبتلى ببعض الذنوب التي أعياه الخلاص منها عليه ان يقترب من أهل العلم ومجالس العلم ويصبر نفسه عليها، وإن أبت نفسه في أول الأمر وتلذذت فيلزِمُها، فإنه إن صبر نفسه على ذلك واقترب من أهل العلم ومجالسهم يسر الله له من ابواب التوفيق وانشراح الصدر والخلاص من الذنوب وأضرارها وأخطارها ما لا يحتسب، والقرب من اهل العلم غنيمة وسؤالهم عما أشكل نجاة وسلامة ثم يستفاد أيضا من بسط الامام ابن القيم رحمه الله هذا الجواب بهذا البسط الوافي أن صبر العالم على السائلين ورحمتَه لهم وبهم ولينه معهم ورفقهم بهم وتلطفه في جوابهم كل له مردوده الحسن وثمرته العظيمة في قربها هؤلاء من الخير وبعدهم من الشر.
وهذا الكتاب محل ثناء عظيم عند أهل العلم فكثيرا ما يحلون إليه ولو تقرأ على سبيل المثال او تنظر عبر وسائل البحث الحديثة في فتاوى، مثلا اللجنة الدائمة وفتاوى ابن باز وفتاوى ابن عثيمين وغيرها من فتاوى أهل العلم تجد إحالات كثيرة جدا لهذا الكتاب لان فيه الدواء النافع والعلاج الشافي لأمراض كثيرة وأدواء متنوعة ولهذا كل من يشتكي من الذنوب وتتأذى نفسه منها ويريد الخلاص يحال الى هذا الكتاب المبارك فان قرأه بأناة وتأمله بأناة حصٌلَ خيرا كثيرا ونفعا عظيما.
وقد نقل عنه أهل العلم كثير من منقولات متنوعات في كتب كثيرة ولهذا ترى الإحالة عليه في كثير من كتب ولو طالعت أيضا في الشروحات وكتبت الداء والدواء أو الجواب الكافي ترى منقولات كثيرة عن هذا الكتاب المبارك للإمام ابن القيم رحمه الله تعالى من ثناء أهل العلم عليه
قول ابن الوزير في كتابه العواصم والقواصم في اخر الكتاب قال:
وقد ذكر امثال هذه الاحاديث وجود الكلام في التخويف الشيخ الامام الشهير بابن قيم الجوزية تلميذ شيخ الاسلام ابن تيمية في كتابه المعروف الجواب الكافي على من سال عن الدواء الشافي فمن أراد الشفاء التام في هذا المعنى فعليه مطالعته لما فيه من تدبر كتاب الله وصحيح اللسنة النبوية
وقال الشيخ ابو بكر ابو زيد في كتابه التقريب لابن القيم قال:
وفي هذا الكتاب من لطائف العلم وحقائقه وبيان محاسبة النفس ومراقبتها ما لا يستغني عنه طالب علم وقد ذكر الشيخ عبد الظاهر الكلام للشيخ بكر ابو زيد يقول وقد ذكر الشيخ عبد الظاهر أبو السمح في خاتمة الطبعة لهذا الكتاب التي كانت بعنايته أنه هو السبب في هداية الله له إلى طريق السلف الصالح وسلوك منهجهم في توحيد الله تعالى وعبادته
فهذا الكتاب هدى الله سبحانه وتعالى به خلقا من عباده الى الهدى والحق والطريق القويم فهو كتاب عظيم البركة كبير النفع فأقول ايها الشاب ويا أيتها الشابة وكل من يقرأ، من نعمة الله عليك ان يكون هذا الكتاب بين يديك، قم بتحميله وأقرأه بتأمل وبعناية فإنه بإذن الله فسيكون له الآثر الحسن على حياتك فنحن في زمان تنوعت فيه الفتن وفتحت أبواب الشهوات والشهوات على مصرعيه وشاركه ليكون لك الأجر والنفع على أمتنا أمة محمد صلى الله عليه وسلم .